شادي صلاح الدين (لندن)

رغم إعلان النظام القطري تغيير القوانين للسماح لأغلبية العمال بمغادرة قطر دون تصاريح من أصحاب العمل، إلا أن العديد من الخبراء والمتخصصين في حقوق العمال أكدوا أن هذا التغيير غير كاف ولابد من أن يصاحبه تغيير جذري في باقي القوانين التي تكبل حقوق العمال. وقالت صحيفة «الجارديان» البريطانية في تقرير، إن القرار الذي اتخذه نظام الحمدين، هو خطوة في طريق المعركة الجارية حالياً لوقف الإساءات بحق العمال في منشآت مونديال 2022. وأضافت أن قطر واجهت تدقيقاً ومراقبة دولية على ظروف العمل التي تواجه مئات آلاف المهاجرين الذين يكدحون في مواقع بناء منشآت كأس العالم، مشيرة إلى أن القرار الجديد لم يغط كافة المشاكل العمالية، ولكن فقط لن يكون لدى أصحاب العمل سلطة رفض منح تصاريح الخروج لمعظم العمال، رغم أنهم سيحتفظون بهذا الحق بنسبة 5%.
ولن تؤثر التغييرات على حقوق العمال الذين لا يشملهم قانون العمل، مثل عمال المنازل البالغ عددهم 174000 عاملة. وقد وجدت الأبحاث التي أجرتها منظمة العفو الدولية أن عاملات المنازل يواجهن ساعات عمل طويلة، وقيوداً شديدة على حرية التنقل والاعتداء الجسدي والجنسي. ونقلت «الجارديان» عن رئيس مكتب مشروع منظمة العمل الدولية في قطر حوتان هومايونبور قوله «إن القانون خطوة أولى نحو الإلغاء الكامل لتصاريح الخروج».
ويوجد أكثر من 1.9 مليون عامل مهاجر في قطر معظمهم من دول جنوب وجنوب شرق آسيا لاسيما الهند ونيبال وباكستان والفلبين وبنجلاديش. وقالت الصحيفة، إن تقارير عن ظروف العمل المروعة وضعت قطر تحت ضغط شديد لتحسين حقوق العمال. ففي عام 2013، وجد تحقيق أجرته الصحيفة أدلة على العمل القسري للمهاجرين الذين يعملون في مشاريع البنية التحتية لكأس العالم حيث أكد عمال أنهم لم يتلقوا رواتبهم منذ شهور، وأنهم حرموا من الحصول على مياه شرب مجانية في ظل ارتفاع درجات الحرارة بشكل لا يحتمل، بجانب مصادرة جوازات سفرهم بصورة روتينية.
وقال جيمس لينش الباحث المستقل المتخصص في قطر وحقوق المهاجرين، إن التغييرات التي أدخلت على قانون الإقامة تمثل خطوة، لكنه دعا إلى إصلاحات أوسع نطاقاً تشمل جميع العمال والمجالات. وأضاف «في الوقت الحالي، ينص القانون بشكل أساسي على أنك مرتبط بصاحب عملك خلال الفترة المتبقية من العقد، والتي يمكن أن تستمر لمدة تصل إلى خمس سنوات». ويمكن الإبلاغ عن العمال الذين يغادرون وظائفهم دون الحصول على إذن من أرباب العمل بسبب الادعاء بأنهم «فروا من عملهم»، وقد يواجهون الاعتقال والترحيل. وأضاف «إن القانون الجديد يزيل بالتأكيد الأداة التي كان أصحاب العمل يستخدمونها ضد العمال، والخطوة التالية هي إصلاح القوانين المتعلقة بمصادرة جوازات السفر».
ويسمح القانون القطري للشركات بمصادرة جوازات سفر العمال، بشرط أن يكون لديها موافقة كتابية. وقالت شاران بورو، الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال، لـ«الجارديان» إن السماح لنسبة 5% من أصحاب العمل بامتلاك جوازات السفر هو إجراء مؤقت، مشيرة إلى ضرورة الإعلان عن المزيد من اللوائح فيما يتعلق بالعمال الذين يقعون خارج نطاق قانون العمل، وقالت «إن النظام يمثل امتلاك بشر لبشر آخرين. كانت تأشيرتهم تعتمد على ذلك، وبطاقة هويتهم، وحقهم في أن يكونوا في البلاد. كانت عبودية العصر الحديث».
وكانت بورو، وجهت في السابق انتقادات لاذعة لنظام العمالة في قطر، قائلة «إنه استغلالي للغاية. لا يتم إنفاذ القوانين ولا أحد يتحكم في النظام. يقوم الضالعون بهذا الأمر بامتلاك ثروات على حساب العمال. نطالب بالتحقيق لأننا نعتقد أن قطر ليست جادة في التعامل مع كيفية معاملة العمال المهاجرين في التوظيف والمجالات الرئيسية الأخرى». فيما قال ستيفن كوكبورن، نائب مدير برنامج القضايا العالمية في منظمة العفو الدولية «لا يزال هناك الكثير الذي يجب القيام به، ويجب أن يكون إلغاء تصريح الخروج بالكامل خطوة بين العديد من الخطوات الأخرى التي يجب اتخاذها».
وكانت تقارير غربية أكدت أن المئات، إن لم يكن الآلاف، ماتوا أثناء العمل في الدوحة. ففي عام 2012، مات 520 عاملاً في قطر وما زال أكثر من 300 من هذه الوفيات غير مبررة. وتقول قطر إن العمال ماتوا لأسباب لا علاقة لها بظروف العمل، مثل الأزمات القلبية أو الفشل التنفسي. لكن هيئات حقوق الإنسان تقول إن هذه العبارات ملطفة على الوفيات المرتبطة بالحرارة، وتقول إن قطر لا تقدم تقارير تشريح الجثة بهدف إخفاء الأسباب الحقيقية.